النهار

صادق اسماعيل وأحمد كحيل ورفاقهما... العزاء لكل بيت "نبطاني"
المصدر: النهار
صادق اسماعيل وأحمد كحيل ورفاقهما... العزاء لكل بيت "نبطاني"
صادق إسماعيل.
A+   A-

سمير صباغ

أيقظني والدي في الصباح صارخاً: "قوم يا سمير راح  الحج صادق، راح الدكتور احمد، راحوا كلن ببلدية النبطية"، للوهلة الاولى لم استوعب ما قاله فاجبته وانا مصدوم: "صادق واحمد والبلدية لا اصدق اكيد اشاعة! شو في بالبلدية كم ربطة خبز واعاشة؟". 

 

ما هي الا دقائق حتى تأكد الخبر: "العدو الاسرائيلي استهدف مبنى بلدية النبطية وسواه ارضاً"، فاستشهد رئيس البلدية احمد كحيل وعضو المجلس البلدي صادق اسماعيل والزميل المصور محمد بيطار والموظفان قاسم حجازي ومحمد زهري. 

 

 

من لا يعرف هؤلاء، قد يرى خبر استشهادهم عادياً ككل الشهداء، لكنهم خسارة لا تعوض لكل بيت "نبطاني" سيما صادق اسماعيل، وهو شقيق الشهيد المدني الاول غازي اسماعيل الذي قضى في أول استهداف لمدينة النبطية في العام 1976. 

 

صادق اسماعيل يملك متجراً عملاقاً للادوات الكهربائية، لا يمكن ان تفارق الابتسامة وجهه في أصعب الظروف، كان يحلم ويخطط من موقعه البلدي دوماً في كيفية جعل المدينة أجمل وأرقى، حتى انه كان يحدثني بشغف عن كل ما يشاهده في الصين وتركيا من تقدم وعمران. صادق خريج الجامعة اليسوعية في صيدا. رفض ان يفارق مدينته وهو القادر مادياً على الذهاب الى اي دولة في العالم، لكنه افترش ارض البلدية وتغطى بلحاف خدمة الناس مع نجله الذي ترك النبطية قبل ايام. 

 

 

هاتفني قبل يومين ليخبرني ان عدد العائلات الصامدة 150 اغلبهم من كبار السن، "نقدم لهم الخبز يومياً والدواء مع عدد من المعلبات الا ان الوضع يزداد خطراً"، حتى انه بعد تضرر منزل عمي عياد وهبي في حي الميدان- النبطية، اتصل بي قائلاً بعفويته: "خبّر عياد ما يزعل انا بدي عمّرلو اياه بس نرجع، هلق رحت قفلت باب الحديد يلي طار ولحمتو منيح ما حدا بفوت طمنو المهم تضلكن سالمين". 

 

 

إقرأ أيضاً: غارة إسرائيليّة على مبنى بلدية النبطية... واستشهاد رئيسها وعدد من أعضائها وموظفين

 

 

 

هذا هو صادق المحب الخدوم الطيب رفيق الدكتور احمد كحيل في كفاحه المستمر منذ اعوام لتحويل بلدية النبطية الى مؤسسة لا تتأثر بغياب الأشخاص. أحمد الطبيب، خريج روسيا، كان العقل المدبر لكل ما شهدته مدينة النبطية من عمران وبنى تحتية واجتماعية طوال سنوات رئاسته للبلدية منذ اكثر من 12 عاماً. احمد كان انساناً هادئاً ومستمعاً جيداً لكنه كان كالبركان المتفجر في خدمة الاهالي الصامدين، إذ أصرّ على أن يشرف شخصياً على خطة الاغاثة وكان يتنقل بين مستشفى الشيخ راغب حرب  حيث مسؤوليته الحزبية كمسؤول وحدة المستشفيات في "حزب الله" والبلدية للتأكد من حسن سير العمل وتأمين كل ما يمكن تأمينه للأهالي. 

 

 

أما محمد سليم بيطار الزميل المصور فكان عدستنا جميعاً في الأيام الاخيرة، ولولاه لما نقل اي خبر او صورة عن استهداف ذاكرتنا "النبطانية" في السوق التجاري. 

 

اليوم رحلوا جميعاً اصدقاء دربي الصحافي منذ ان توليت مسؤولية مراسل "النهار" في النبطية العام 2010، رحلوا ولم ترحل ذكرياتنا سوياً. كنا نتناقش، نتفق ونختلف سياسياً وإنمائياً، كان حب النبطية يجمعنا. سأفتقد صادق الذي قال لي خلال تغطيتي الإعلامية للحراك الشعبي "من يمسّك يمسّني" وسأفتقد أحمد ايضاً عندما قال لي في آخر اتصال"ناطرك بعد الحرب لنتجمع عندك ونأكل بوظة بكفررمان". 

 

لمن سأرسل مقالاتي المنشورة بعد اليوم لأستنير برأيه وتعليقاته يا حاج صادق. كنتما معنا انت وأحمد من صناع محتوى الخبر في "النهار"، فأضحيتما اليوم الخبر! العزاء لنا  جميعاً ولكل "بيت نبطاني". 

 

اقرأ في النهار Premium